بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسل الله أجمعين
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
معاليَ الأستاذَ الدكتور خالد عبد الغفار وزيرَ التعليم العالي والبحث العلمي.
أساتذتي وزملائي وأصدقائي الوزراء والمحافظين الحاليين والسابقين.
أساتذتي ورؤسائي رؤساء جامعة المنوفية السابقين وزملائي رؤساء الجامعات المصرية الحاليين والسابقين.
ضيوفَنَا الكرام من الأجهزة التنفيذية والرقابية والأمنية والشعبية والمجتمع المدني.
السادةَ الأفاضلَ أعضاء مجلس النواب.
السادةَ الأفاضلَ الإعلاميين والصحفيين ورجالَ الفكر والرأي.
زملائي الأفاضل أعضاء مجلس جامعة المنوفية.
الزميلاتِ و الزملاءَ أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة.
السيداتِ والسادةَ العاملين في الجهاز الإداري للجامعة.
أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات.
أحبتي كلَّ منسوبي جامعة المنوفية.
أهل بيتي وأسرتي الصغيرة.
الحضورَ الكرامَ.
(لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ)
أقف بينكم اليوم في هذه اللحظات الفارقة في حياتي تجتاحني مشاعر عدة وتتنازعني الكلمات بين محبة ودعاء ، وتمر في مخيلتي الذكريات للأشخاص والأحداث والمكان ، والتي ستظل محفورة في القلب والوجدان ، حيةً ...... حاضرةً...... تنبض دوماً بالحياة .
تحت مظلة هذا الحصن والصرح العلمي الشامخ، ذلك البناء الذي يعانق عنان السماء في رفعته ، وتتلى آيات الوفاء كل لحظة بين جنباته .... صرحٌ يقع فينا جميعا موقع القلب النابض.. واسم غالٍ له رنين محبب لا يستسيغه ويهفو له شوقا ومحبة ألا من أفنى عمره في عطائه ..
... إنها جامعة المنوفية...
التي امتدت كلياتها كأغصان وارفة يستظل بظلها طالبو العلم والتميز، هنا في هذا الكيان النابض بالحياة و العمل والإخلاص يلتحم الفكر والروح في عشق المكان، الذي يسكن فينا، وتكاد هاماتنا تبلغ عنان السماء حينما نتحدث عنه، ونستشعر وجودنا في هذه الجامعة التي تعبق برائحة الألفة والانتماء..
هكذا هي جامعة المنوفية، التي ولدت شامخه وستبقى شامخه بإذن الله رغم ما قد يقابلها من التحديات ... بمكانتها و بحرصها على خلق بيئة أكاديميّة تعليمية مثالية، وسعيها الدؤوب لزيادة رقعة العلم وطالبيه وتعطشها للتطور والرقي والتميز، بمنهجية وخطط ودراسات واستراتيجيات متعددة الأوجه وطويلة الأمد .. جرى ويجري التخطيط لها جيدا وتنفذ بعناية نابعة من قيم ونظم ومعايير ومبادئ وبوصلة قيمية أخلاقية موجهة لهدف واحد نؤمن به جميعا لا نحيد عنه ولا نرضى به بديلا ، واضعين نصب أعيننا بلوغ ما خططنا له من أهداف وإنجاز التوقعات بكفاءة و فاعلية واستدامة، من خلال المشاركة والتفاعل التام بين كافة المكونات العلمية الأكاديمية والإدارية، و تعزيز ثقافة الالتزام، و الأداء المتميز، والقيادة الجماعية، والمراجعة والتقييم المستمر، وإدخال التكنولوجيا الحديثة، بما يفجر طاقات أبنائنا وبناتنا الطلاب في التفكير الإبداعي، ويعزز لديهم الثقة بالنفس، وروح الابتكار، ويكسبهم المهارات التي يحتاجونها والجاهزية للتأقلم واستيعاب المتغيرات المستمرة في عالم يتطور ويتغير بسرعة فائقة في ظل التطور التكنولوجي والمعرفي الهائل والمستمر في عالمنا المعاصر.
أحبتي الكرام .. معشوقتي وغاليتي .. جامعة المنوفية ..
والتي شرفت بالانتماء إليها وقُدّر لي أن يظل اسمي مقترنا باسمها منذ أن كنت طالبا للعلم بين أروقتها ثم أستاذا بمحراب علمها إلى أن أصبحت على كرسي رئاستها متحصنا بثقتكم وحبكم واتخذتها نبراسا ودليلا .. وحُمّلت الأمانة شرفا وافتخارا ومثابرة .. لم ولن أخشى في الحق لومة لائم .
يقول الله تعالى ( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )
هذه المحطة التي أقف بها الآن و إياكم .. هي لحظة الحصاد ، ها نحن نقطف اليوم ثمار أربع سنوات من العمل الجادّ ، والسعي الدؤوب ، لا شك أن رحلة الألف ميل بدأت بخطوة ... خطاها من سبقونا وتتابعنا لنكمل الخطوات وسيخلفنا من سيكمل المسيرة المباركة، من هنا كانت البداية الطامحة التي حرصنا و نحرص دائماً و أبداً على ألا يشوبها يأس.
قد نواجه العثرات والعثرات بحياتنا، لكننا حريصون دائماً و أبداً أن نجعلها مراحل نرتقي عليها للوصول إلي الأفضل.
الحضورَ الكرامَ ......
في هذه اللحظة الحاسمة والمهمة في مسيرتي ومسيرة جامعة المنوفية أؤكد لحضراتكم جميعا أن كل ما تحقق من بناء ونهضة ونمو هو في النهاية نتاج لعاملين متلازمين معاً :
أولهما : تلك الجهود التراكمية لقيادات وإدارات الجامعة المتعاقبة، وهنا من الأمانة أن أنسب الجهد لأصحابه فاسمحوا لي أن أتقدم لكل من سبقني ممن تولى مسؤولية من أساتذتنا أصحاب القامات العالية ، على جزيل عطائهم طوال فترة إدارتهم للجامعة فكل منهم بنى على ما سبق حتى ارتفع البناء سريعا وأصبح صرحاً شامخا، أفخر ونفاخر به.
أما الثاني ، فهو تلك الجهود الجماعية والتنسيق بين قطاعاتِ العمل المختلفة أساتذةٍ وعاملينَ وطلابٍ في إدارة الجامعة وروح الفريق الذي تميزنا به رؤساءً ومرؤسينَ وعملنا على تعزيزه في جميع وحدات الجامعة.
فكنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فكان نتاجها ما رأيتموه من كمية وحجم الإنجازات التي استطعنا سويا تحقيقها هي خير دليل على سلامة الإجراءات وصحة الطريق وقوة وتماسك وصلابة فريق العمل وبذلك تكون البنية التحتية المكتملة قد رافقتها كوادر بشرية مؤهلة بالشكل الذي يضع الجامعة في المكانة التي نتطلع إليها جميعاً وان كان طموحنا لا يحدهُ سقف ولا زلنا نطمع في المزيد
السيداتِ والسادةَ ..
وبالرغم من كل الإنجازات السابقة وهي بعض ما تحقق خلال السنوات الأربع الماضية إلا أنني أعتبر أن الإنجاز الأكبر الذي تحقق في جامعة المنوفية في الفترة الماضية هو فريق العمل الذي حرصت كل الوقت على وحدة رؤيته وهدفه في أن الجامعة وحدة واحدة لا تتجزأ لا حدود بين كلياتها ؛ همنا واحد ؛ ومصيرنا واحد قمنا بتعظيم الاستفادة مما أتيح لنا جميعا من موارد؛ أعلينا المصلحة العامة على كل المصالح ؛ تواجدنا بين الجميع ومع الجميع طول الوقت وكنا وسنظل على قلب رجل واحد ؛ وأزلنا الحدود والفواصل بين الكليات عقلا ومكانا وبين الأعضاء في سائر وحدات الجامعة فشعر الجميع بانتمائه لهذه المؤسسة العريقة بل أحب وأظهر هذا الانتماء. إن أكبر المكاسب التي تحققت في الجامعة في الفترة الماضية هي الروح الجميلة داخل الجامعة بين الجميع بين القيادات والأعضاء والتي بها نستطيع أن نكمل متجاوزين جميع الصعاب والتحديات.
(( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. ))
أحبتي
اليوم ... وأنا أقف منكم موقف وداع بعد أن شرفت بتولي مقعد رئاسة الجامعة خلفا لقامات هامات عاليات ..تاركا إياه لمجتهد ومطور جديد .. جئت إليكم حاملا وصية ، وشكر واجب ..
فخير ما استهلُّ به وصيتي أن تجعلوا تعظيم الخالق عز وجل همّكم الأوّل، فلا تُرضوا أحداً في سخطه، ولا تجاملوا على حساب الحق.
أبنائي وبناتي الطلاب ..
إنّي سألقي عليكم كلمات آملاً أن لا تفرطوا بها أبداً، فحديثي إليكم اليوم حديث الأب فعليكم بإعمال عقولكم، ولا تأخذوا العلم إلا مع دليله، فمع تفوّقكم في علومكم، ينبغي أن يكون كلّ واحد منكم مبدعاً في قضايا الفكر والثّقافة. عليكم تعظيم ذواتكم، فكونوا بعلومكم أعزّة شامخين، وإيّاكم والانحدار إلى مهاوي السقوط. صلوا أساتذتكم بكريم السّؤال عنهم، وشاوروهم فيما يخصكم ، وعودوا إليهم في تأصيل علومكم.
أما الزملاء الأفاضل السادة أعضاء الهيئة التدريس،
صفوة الصفوة، وعقل الأمة وأملها في سرائها وضرائها الذين يسمو العلم بهم والذين يعطون ولا يأخذون، والذين قال تعالى فيهم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) لا تدخروا جهداً في دفع الطلاب نحو التميز و التفوق لبناء جيل من الخريجين يحملون على عاتقهم مستقبل وطنهم وأن يحافظوا على القيم والمبادئ وأن يعكسوا صورة الجامعة التي ما بخلت عليهم يوما، ليصبحوا نبتة راسخة وسواعد فتية تبنى مصر.
زملائي الكرام السادة موظفي جامعة المنوفية ..
و قاعدة الهرم في شعارها الذي يمثل ضلعاه الطالب وعضو هيئة التدريس لا يسعني إلا أن أشيد بما قدمتموه خلال فترة عملي معكم من مجهودات طيبة، كل في مجال عمله مما ساعد على المضي قدما والتطور في مختلف المجالات في جامعتنا العزيزة
لكم جميعا
أدعوكم أساتذة وعاملين وطلاباً إلى الجد والاجتهاد، إلى التواصل والتلاحم مع بعضكم بعضا ، أدعوكم للمساهمة الجادة والفعالة كي يتحول هذا الصرح العظيم إلى أيقونة يشار إليها بالبنان، أنجزنا الكثير وكلكم شاهد على ذلك، وما زلنا نحتاج جهودكم لننجز المزيد، دعونا نؤكد أننا قادرون على العطاء اللامحدود، إلى الالتفاف حول غاية وهدف أسمى، هو رفعة شأن هذا الوطن الغالي علينا جميعا. وهنا نكون قد أسهمنا في تهيئة مجتمعنا بشكل عام معرفيا وقيميا وسلوكيا لممارسة دور البناء والتنوير، وهذه غايتنا السامية النبيلة التي من أجلها عليكم تسخير كل إمكانات الجامعة المادية والبشرية لتحقيقها.
أوصيكم والانتماء: فهو من أهم الصفات التي يجب أن تكون أصيلة فينا وجذورها عميقة.
أوصيكم والإيثار: وهو أن نكون على استعداد كلما اقتضت الحاجة أن نعلي المصلحة العامة على مصالحنا الشخصية،
أوصيكم .. أوصيكم .. أوصيكم بصفة الإخلاص: وهذه من أهم وأجل الصفات في العمل عند الله سبحانه وتعالى، فهي تزكي النفس وتوجب القبول، وتؤدي الى تحقيق رضاء الله و النفس و الغير، وتزيد البركة في العمر والرزق.
أما الشكر كل الشكر ..... لله سبحانه وتعالى والحمد لله الذى هدانا لهٰذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الشكر كل الشكر لوالدي ووالدتي تغمدهما الله بواسع رحمته وعظيم غفرانه وجعلهما من أهل الجنة.
الشكر لمن سبقونا وأرسوا قواعد صرحنا العظيم.
الشكر لزملائي أعضاء مجلس الجامعة الموقر على ما خضناه سويا أنتم حقا أهل للشورى والحكمة
الشكر للسادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على ما يبذلوه من وقتهم وفكرهم
الشكر لأبنائي وبناتي الطلاب زارعي الأمل والبهجة ونبتة الخير لهذا الوطن
الشكر لكل من عاونني وشد أزري من أعضاء الجهاز الإداري المجتهد والذين غمروني بحبهم.
الشكر لأفراد عائلتي جميعا لتحملهم تقصيري في حقهم وانشغالي عنهم.
الشكر لزميلتي ورفيقة درب العلم و العمر زوجتي الغالية والتي لن يوفيها أجرها على طيب صنيعها إلا الله سبحانه وتعالى
أحبتي
أغادركم وأعود إلى وظيفتي التي أعشقها ولا أمّل منها .... أعود أستاذا جامعيا يحمل رسالته التي طالما بذل و تعب من أجلها ... أعود إلى صومعة العلم التي تاقت إليها نفسي ... أعود مجددا لكليتي العزيزة كلية العلوم كلية العلم والعلماء وذكرياتي الجميلة، حيث الأبحاث و الطلاب ورسالة نشر العلم ...
أغادركم وأشهد الله أني لم أبخل بشيء ولم أضنَّ بجهد، ولم أتخاذل يومًا أو أتهرب عن عمل أوكل إليّ، ولم أتوانَ للحظة عن الدفاع عن هيبة هذا الصرح العظيم الذي نشرف جميعًا بالانتماء إليه، و لم أترك مناسبة لرفع اسم الجامعة عاليا إلا وفعلت، ولم أترك فرصة يمكن أن تفيد الجامعة أو أحد أعضائها إلا وبذلت كل الجهد للحصول عليها.
لم يعقني وقت ولا مكان عن أداء مهامي لقد قبلت بتلك المهمة أداءً للواجب، و من منطلق المسئولية الوطنية.. ووفاءً لما أدين به من أفضال لا تعد لهذا الوطن الغالي ... مسئوليات صعبةً والتزامات جسيمةً.... مرت وقد حرصت على أن أكون أميناً في أداء ما حُملت من أمانة.
لم أجامل أحدا على حساب المصلحة العامة ووضعت الجامعة ومكانتها نصب عيني وحرصت ما استطعت على رد الحقوق لأصحابها.. حتى وإن جاءت الحقوق متأخرةً وإن لم يتح الوقت لاستكمال ما بدأت فالكمال لله وحده .
أغادركم وأشهد الله أني لم أتعمد أبدا إيذاء أحد أو النيل من أحد أو معاداة أحد حتى لو أساء لي .
أغادركم والله شاهد أن أصعب قراراتي كانت قرارات مجازاة أي شخص ... بعد صدور توصية القائم بالتحقيق وتقصي الأمر فأنا كنت أرغب دائما و أهدف لاستقامة الأمور وأجاهد ألا تؤدي إلى أي ضرر أو أذى.
وهذه صحيفتي أمامكم ..... لم يكن سعيي إلا للعمل وعمارة الأرض ورفع بنيان العلم
وأخيرا .... أغادركم والحمد لله قلبي يخلو من أي مشاعر سلبية لأحد ولا أحمل للجميع إلا كل الود و الاحترام والتقدير .. فمن كان محباً فليدع لنا، ومن كان معاتباً فلينصحنا، ومن كان في قلبه شيء منا فليعف ويصفح،
فو الله الذي لا إله الا هو ما اجتهدت إلا لمرضاة الله ورسوله وما كان من توفيق فمن الله و ما كان من تقصير فمن نفسي .
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.