من     11/09/2019
إلي     30/11/2019
View Image

~~الروائي والكاتب الصحافي الدكتور/ عمَّار علي حسن في ندوة بكلية الآداب جامعة المنوفية تحت عنوان «الفلسفة والأدب: حدود الائتلاف والاختلاف»
الأربعاء 27 فبراير 2017
    واصل قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنوفية نشاطه الثقافي لهذا الموسم بندوة عُقدت صباح اليوم بقاعة المؤتمرات بالكلية تحت عنوان « الفلسفة والأدب: حدود الائتلاف والاختلاف »، حاضر فيها الروائي والكاتب الصحافي الدكتور/ عمَّار علي حسن.
    ناقشت الندوة العلاقة الجدلية بين الفلسفة والأدب من خلال إشكالية تعريف الفلسفة بالنسبة للأدب، وتعريف الأدب بالنسبة للفلسفة، وكيف يمكن للرؤى الفلسفية أن تغمر بإشعاعاتها النقدية مسار الأدب وإن تباين المنهج والهدف، وكيف يُسهم الأدب في تجسيد وترسيخ مقولات الفلسفة إزاء الإنسان والعالم، وإن اتخذ أسلوبًا لغويًا تصويريًا يمزج الخيال بالواقع. كما استعرضت الندوة  الاتجاهات والمدارس الأدبية والمناهج النقدية التي تستند الى أسس فلسفية في مفاهيمها وتصوراتها، وكذا المدارس الفلسفية التي اتخذت من الأدب منطلقًا لبلورة أنساقها الأنطولوجية والإبستمولوجية.
وقد أشار الدكتور/ صلاح عثمان رئيس قسم الفلسفة في كلمته إلى أنه إذا كان الوعي هو مبدأ الوجود البشري، فإن اللغة هي وعاء الوعي ومحتواه؛ فنحن نفكر باللغة، وبتركيباتها نبني معرفتنا عن العالم. وكل نقص أو قصور في اللغة يقتطع بالضرورة جزءًا من وضوح الوعي ودلالته، كما أن أي بُعدٍ إبداعي للوعي هو بطبيعته إبداعٌ في اللغة وباللغة. ولعل تلك هي نقطة الالتقاء الأولى بين الفلسفة والأدب .. أعني اللغة؛ ذلك القاسم المشترك الذي ننسج به رؤانا وحواراتنا الجدلية مع العالم ومع أنفسنا.
    ومع ذلك، فإن ثمة علاقة إشكالية بين الفلسفة والأدب، حتى وإن كانت الفلسفة تستخدم الأدب للتعبير عن عقلانيتها المفرطة التي تنطق بها أنساقها الوجودية والمعرفية والقيمية، وحتى وإن كان الأدب يستخدم الفلسفة للتعبير عن تجارب وجدانية تأملية تمزج الواقع بالخيال. تجلت هذه الإشكالية منذ عهد الإغريق، وخصوصًا مع أفلاطون الذي اتخذ موقفًا نقديًا قاسيًا ضد الفن بشكلٍ عام، وضد الشعر بشكلٍ خاص؛ فربط المعرفة بالفلسفة، بينما وسم الشعر بالانفصال والعاطفة، ومن ثم عده نقيض الفلسفة وعدوها اللدود، لأنه لا يعدو أن يكون مجرد محاكاة لعالم حسي يُحاكي بدوره عالم المُثل .. عالم الماهيات الثابتة. وقد كان وما زال للنظرة الأفلاطونية صداها المؤثر لدي كل من الفلاسفة والأدباء حول حدود العلاقة بين الفلسفة والأدب، فيما يمكن أن نسميه جدلية الائتلاف والاختلاف.
بعبارة أخرى، يُقدم الفيلسوف أفكاره على شكل نصوص لا تخلو من الجمالية الأسلوبية، مما يجعلنا أحيانًا نجد صعوبة في رسم الحدود الفاصلة بين ما هو أدبي وما هو فلسفي. وهو ما نلاحظه مثلاً في أعمال مونتيني، وروسو، وكيركجارد، ونيتشه، وسارتر، زكي نجيب محمود .. كما أن الروائي المُكابد لهموم مجتمعه كثيرًا ما يُدرج أفكارًا فلسفية بين ثنايا أعماله الروائية، تتخذ طابًا نقديًا حجاجيًا، وإن تدثرت بالخيال والعاطفة والإلهام الحدسي والحبكة القصصية، وهو ما نجده في كتابات نجيب محفوط، وكذلك ضيفنا اليوم، إذ هي كتاباتٌ متساءلة، باحثةٌ عن الهوية، مفككةٌ للمقولات الجامدة، مؤسسةٌ للقيم بأبعادها الجمالية والمنطقية والأخلاقية، نافذةٌ من إطار اكتشاف الذات الفردية إلى إطار تشكل الذات الجمعية. 

 

 

 

Top